Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, March 14, 2018

الإسلام بين الموروث الديني والحقيقة التاريخية

هناك حقيقة غائبة عن عقول الكثير من المنافحين والمدافعين عن الإسلام وهو تمسكهم بالموروث الديني على حساب القرائة التاريخية لمكونات ذالك الموروث, الدفاع عن الدين الإسلامي في وجه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها لا يمكن أن تستند بشكل حصري على الإيمان والعاطفة الدينية. المشكلة التي نعاني منها في الوطن العربي بشكل عام هي أننا نناقض انفسنا أو لنقل انه هناك فجوة معرفية قد أدى إتساعها إلى تنامي فجوة إجتماعية. إن البعض يكرر البعض مقولة "أمة لا تقرأ" في إطار إنتقاده لظواهر الجهل في الوطن العربي وقد تكون تلك المقولة مقبولة بدرجة أكبر لو طبقناها على الفئات الغير متعلمة ولكن ماهي الإجابة عن سقوط النخب المثقفة والمتعلمة في فخ الدفاع عن الموروث الديني مع الإصرار على إنكار علاقة التاريخ والأدلة المنطقية والعقلية. رجال الدين في الوطن العربي أو المطاوعة وهي اللفظة الأكثر شيوعا ينكرون كتابات تشارليز داروين ونظرية التطور إعتمادا على أراء الكنيسة التي إعتبرت نظرية التطور هرطقة وعلى الرغم من أن رجال الكنيسة سابقا ورجال المطاوعة حاليا لم يكلفوا أنفسهم عناء قرائة كتاب أصل الأنواع أو كتابات داروين الأخرى. إن مخلفات الإستعمار الفكرية وصنائعة الذين يعدون رأس الحربة في نشر الجهل والتخلف يساهمون في نشر أفكار مضللة وفي تغليب الموروث الديني أو تطويعه وتقديم قرائة غير محايدة لنصوص قرئانية وتراثية إسلامية أصبغت حكما إلهيا على ذالك الموروث والذي هو بإستثناء القرأن الكريم نتاج جهود بشرية بحتة.
إن كل ما سبق ذكره سوف يقودنا للنقاش حول سؤال مهم ومحوري: هل الإسلام هو الحل؟ والذي يشغل تفكير رجل الشارع العربي حتى أولئك النخب الثقافية التي أصبح تفكيرها مرهقا بالموروث الديني. إن الإجابة على ذالك السؤال بنعم أو بلا هي التي سوف تحدد وبلا مبالغة مستقبل الوطن العربي الثقافي والإجتماعي والسياسي لعقودد مقبلة, الصراع بين التيارات الدينية والعلمانية بكافة إتجاهاتها الفكرية في الوطن العربي والعالم هو الذي سوف يحدد نهاية التاريخ وليس إنتصار الليبرالية الغربية كما توقع فرانسيس يوكوهاما في كتابه "نهاية التاريخ." وأود ان أنوه إلى أن الجهل المقدس الذي ذكرته في الفقرة السابقة يمكن تعميمه على الكثيرين من اتباع التيارات التنويرية أو بتعبير أخر الإلحادية التي تعد الجميع بجنة أرضية مماثلة للجنة السماوية التي يعد بها زعماء التيارات الدينية اتباعهم ورغم فشلهم, فمازالوا يحاولون الترويج لمذاهبهم والذي  يختصرها بعضهم بإنكار وجود الذات الإلهية.  إننا أمام حتمية الجدل اللانهائي بين أتباع التيارات الفكرية المختلفة التي تستند على الموروث الديني في نقاشها وبين تلك التي تتبنى العلمانية والإلحاد. إن كلا من الطرفين فشلا في تقديم الحجج المقنعة والمنطقية لإثبات إمكانية التطبيق العملي لنظرياتهما خصوصا في المجال الإقتصادي والإجتماعي أو تقديم تفسيرات مقنعة بما أدى إلى خلق حالة من الفراغ أو مايعرف بمصطلح(Power Vacuum) والتي أدت بالتالي إلى ظهور مذاهب دينية وفكرية أكثر تطرفا وذالك يشمل جميع أطراف الصراع سواء التي تستند على موروث ديني أو الإلحادية التي تنكر ذالك الموروث.
وفي ختام الموضوع, فإن الإجابة على سؤال (هل الإسلام هو الحل؟) سوف يقود السائل إلى هاوية سحيقة لانهائية من الموروث الديني والتي لا يمكن ردمها إلا بإدماج العنصر التاريخي والإجتماعي في محاولة الإجابة ودراسة الوقائع التاريخية بتعمق وتفكير وذالك لمحاولة البحث عن أدق الإجابات الممكنة. أسئلة مثل هل إنتشر الإسلام بالسيف؟, هل الإسلام يحرض على العنف؟, ماهو موقف الإسلام من قضايا المرأة والزواج المبكر؟, هل الإسلام دين قابل للتكيف والتطور مع إختلاف الزمان والمكان؟ ماهي أخلاق المسلمين في الحرب؟ وغير ذالك الكثير من الأسئلة التي سوف تكون الإجاب عنها غير مقنعة ومشوشة بمعزل عن دراسة جميع المعطيات التاريخية والإجتماعية التي سادت في الرقعة الجغرافية محور السؤال.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

No comments:

Post a Comment