Flag Counter

Flag Counter

Sunday, March 25, 2018

حركة الإستيطان في العالم الجديد وجذور الإرهاب اليميني المسيحي

إن التاريخ يحكي لنا عن حضارات قامت بكاملها على مبدأ إبادة السكان الأصليين خصوصا في أستراليا والولايات المتحدة. الإعلام الغربي يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يطمس ذالك التاريخ الدموي ولكن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة خصوصا مع ظهور الشبكة العنكبوتية إلى الوجود والتقدم الحاصل في مجال وسائل الإتصال السمعية والبصرية وسهولة تبادل المعلومات وتدفقها وتبادلها بين الباحثين والمهتمين. ويكفي البحث في أصل حركة الإستيطان في كل من أمريكا أو أستراليا على سبيل المثال حتى نعرف أسباب إرتكابهم تلك النوعية من الجرائم بل وتقديم التبريرات الدينية في محاولة لإقناع أنفسهم بصواب أفعالهم. ففي الولايات المتحدة ومنذ بداية وصول الرحالة الإيطالي كريستوفر كولومبوس لشواطئ الولايات المتحدة, بدأ هو وجنوده بإرتكاب المذابح بحق السكان الأصليين حيث يتم الإحتفال سنويا بجرائمه في جميع الولايات الأمريكية تحت مسمى إكتشاف الأراضي الجديدة. حتى أن المستعمرين الأسبان وفي مرحلة لاحقة المستوطنين الجدد قاموا بشن حرب جرثومية ضد السكان الأصليين بإلقائهم معاطف وأغطية كان يتم إستخدامها من قبل مصابين بأمراض مثل الجدري حيث لم يكن لدى السكان الأصليين من الهنود الحمر أي مناعة ضد تلك النوعية من الأمراض فأبيد منهم أكثر من 18 مليون هندي أحمر. وفي حرب إبادة جماعية في الولايات المتحدة ضد السكان الأصليين فقد تم سلخ فروات الرجال ولم يكن مصير النساء والأطفال بأفضل حيث تم إغتصاب النساء وقتلهم وقتل الأطفال أو سلخ فروات رؤوسهم وهم أحياء. كما بلغ مجمل ضحايا تلك الإمبراطورية الأمريكية التي بدأت مع كريستوفر كولومبوس أكثر من 118 مليون قتيل.

إن تاريخ أستراليا ليس بأفضل حالا فقد تعرض السكان الأصليون للإبادة الجماعية وقتل منهم الملايين أو تم عزلهم فيما يشبه معسكرات الإعتقال النازية أو معسكرات العمل السيبيرية(الغولاغ). وحتى هذه اللحظة فإنه هناك نسبة كبيرة من الذين يدخلون السجون في أستراليا هم من الذين ينتمون للسكان الأصليين. الإعلام في الدول الغربية كالولايات المتحدة وأستراليا يفضل تجنب الحديث عن تلك الجرائم وجذورها في النصوص الدينية خصوصا التوراتية ومن ينظر لخلفية أولئك المستوطنين سوف يكتشف أنهم إما من المجرمين المدانين بحكم الإعدام حيث تم تخييرهم بين تنفذ الحكم أو الهجرة للأرض الجديدة, أو أنهم من خلفية بروتستانتية فرت من الإضطهاد الديني والحروب الدينية في أوروبا حيث قامت الكنيسة الكاثوليكية بشن الحرب المقدسة ضد مخالفيها من المنتمين للعقيدة البروتستانتية وقام هؤلاء المضطهدين بدورهم بشن حروب بروتستانتية مقدسة ضد السكان الأصليين للأراضي التي إستعمروها.

في الإعلام الغربي يتم إلقاء اللوم على هتلر خصوصا في نظرية تفوق العرق الأري والذي يجب أن يحكم العالم ولا يتم تسليط الضوء إعلاميا على  نظرية تفوق العرق الأبيض على غيره والتي تعد نظريات هتلر في تفوق عرقه الألماني الأري إلا إمتدادا لها. وبإسقاط الماضي المظلم للإستعمار الأجنبي لأراضي الأمريكييتين على واقعنا الحالي فسوف نجد أنه هو بمفاهيم متماثلة في المحتوى مع إختلاف التسميات, فالشركات العابرة للقارات حلت مكان حركة الإستيطان الغربية في الأراضي الجديدة وحلت مصطلحات كالعولمة والأسواق الحرة بمكان مسميات الإستعمار والإحتلال, تنميق وترقيع مصطلحات ليس أكثر ولا أقل. إلغاء العبودية والتمييز العنصري والعرقي بقي حبرا على ورق. ويكفي إثباتا لصحة ماذكرت النظر على واقع الحال في الولايات المتحدة من ناحية تعاطي الإعلام العنصري مع موضوع الجريمة حيث تعد أعلى نسبة نزلاء سجون في العالم مقارنة بعدد السكان ولكن مع الأخذ في الإعتبار أن أغلب أولئك النزلاء من العرق الأسود يليهم الأقليات العرقية الأخرى على الرغم من مزاعم الحرية والمساواة وحقوق الإنسان التي يلعب على وترها الإعلام الغربي يوميا, يتم تصرير العرقية السوداء على أنهم سارقون ومجرمون لصوص وتجار مخدرات. نفس ذالك الإعلام الغربي يتحدث بشكل مستمر عن الماضي الإستعماري الإسلامي في أوروبا حيث لم تنسى النخب الفكرية الغربية اليمينية والمسيحية المحافظة بعضا من المعارك المفصلية في تاريخ أوروبا والتي لولاها لسقطت أوروبا بكاملها أمام الجيوش الإسلامية خصوصا معركة حصن العقاب حيث حتى يومنا هاذا وفي الذكرى السنوية للمجزرة, يقوم المسؤولون الإسبان بإخراج راية جيوش الموحدين التي قاموا بالإستيلاء عليها في تلك المعركة والطوفان بها في شوارع المدن الإسبانية. كما وأنه حتى هذه اللحظة فإن إسبانيا تحتل مدينتي سبتة ومليلة المغربييتين وتنتهك السيادة المغربية خصوصا فيما يتعلق بحقوق الصيد البحري وسط صمت وتخاذل عربي وفي إستمرار للماضي الإستعماري الإسباني في المنطقة.

إن الحقيقة فيما يتعلق بالتاريخ الدموي للمسيحية الغربية والتي كان ضحيتها مسيحيون غربيون مخالفون في العقيدة للكنيسة الكاثوليكية وكذالك مسيحيون شرقيون لاتترك مجالا للمستشرقين الغربيين وأذنابهم من العرب أي زاوية للهروب إلا من خلال إتهام المسلمين بلائحة طويلة من الإتهامات وتجاهل تاريخهم الدموي هم بأنفسهم من إرتكبوا في بلدان منها إسبانيا جرائم يندى لها الجبين خصوصا من قبل محاكم التفتيش. كما أنهم يتذرعون بأن النصوص الدينية خصوصا في العهد القديم لا يتم إستخدامها كذرائع من قبل المسيحية والمسيحيين لإرتكاب جرائم كما يتم من قبل المسلمين الإستعانة بنصوص من القرأن لتبرير مايتم إرتكابه من أعمال وحشية. وعند هذه النقطة من المهم أن نفرق بين المسيحيية الغربية والمسيحية الشرقية حيث أن مذهب السيد المسيح له المجد قد تم إختطافه من قبل المسيحيين الغربيين في الفترة التي تلت المجمع المسكوني المعقود في نيقية سنة 325م والذي أشرف عليه الإمبراطور الروماني قسطنطين وتم على أثره حرق كتاب العقيدة المسيحية التي تخالف قرارات المجمع ونص إعلانه النهائي.  كما تم إضطهاد المذاهب المسيحية المخالفة كمذهب الراهب أريوس مؤسس مذهب الأريوسية وهو من أصول ليبية وإصدار قرارات بالعزل والحرمان ضد أي قسيس أو راهب يؤيد أريوس وأرائه التي إعتبرتها الكنيسة هرطقات.

وفي ختام الموضوع فإنني لست أدافع عن أديان أو مذاهب فذالك لا يعنيني بل أدافع عن التاريخ فتاريخ الأديان بلا إستثناء مليئ بالعنف والدماء والمجازر الدموية وتاريخ المسلمين نفسه يسجل معارك دموية بين المسلمين أنفسهم كمعركة الجمل وصفين والمعارك بين الأمويين والعباسيين وحتى بين الأمويين أنفسهم حيث تم إستشهد الخليفة عمر إبن عبد العزيز مسموما والخلافات بين العباسيين حيث تقاتل الشقيقان الأمين والمأمون والخلافة العثمانية التي يقتل الخلفاء فيها أبنائهم وأشقائهم بفتاوي علماء السلطان وغير ذالك الكثير من المسكوت عنه من قبل علماء المسلمين ومنظريهم. إن ذالك برأي الشخصي أمر مخجل وغير حيادي ويضر بالتاريخ ومصداقيته ويتم لأهداف سياسية وأنا شخصيا عندي أسئلة كثيرة موجهة لعلماء المسلمين والمسيحيين والبوذيين وجميع الأديان وهي أسئلة أنا متأكد أنها سوف تبقى بدون إجابات.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment